القائمة الرئيسية

الصفحات

جراحة المخ والأعصاب فى مصر القديمة!
وسيم السيسي
مقال المصري اليوم 16 ديسمبر 2017
منذ بضعة أسابيع قبلت دعوة كريمة من الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج لإلقاء محاضرة عن تحديات العصر، ولم أنتبه إلى أننى مرتبط بمحاضرة بدعوة من كلية الطب جامعة أسيوط فى مؤتمرها بالأقصر عن أمراض وجراحات المخ فى مصر القديمة وفى نفس اليوم، وكان مأزقاً كبيرا ولحسن الحظ، كانت محاضرة سوهاج 11ص، والأقصر 5٫30 مساء نفس اليوم!.
أخذت طائرة السابعة صباح الأربعاء 13/12/2017، إلى سوهاج، كان فى استقبالنا على سلم الطائرة الدكتور أيمن عبدالمنعم، ياله من إنسان متواضع وجميل، كنا وفداً يضم أعضاء من مجلس الشعب، فنانين، رجال أعمال، سألته عن حال النيل والتلوث، قال: بنيت سورا على كورنيش النيل، اختفى التلوث، قلت له: قالها أودريس: إذا صح النيل صحت مصر، وإذا مرض النيل مرضت مصر!. كان الحضور ألفا وخمسمائة صعيدى مع خمسة محافظين، قلت لهم: اللى أصله مش صعيدى أو فلاح ما يبقاش مصرى، المؤسف أننا نقول: ذوقه فلاحى، أو معلهش أصله صعيدى.. عيب!. قلت لهم ما يحدث من فتن إنما هو خدمة لإسرائيل والقضاء عليها بسريان القانون، كررتها ثلاث مرات، بيت العائلة، المجالس العرفية، كلام فارغ يضيع هيبة الدولة.
ارتحلت سريعاً فى سيارة المحافظة من سوهاج إلى الأقصر180 كيلومتراً، ووصلت إلى فندق أشتى- شيراتون سابقاً - حيث مؤتمر طب أسيوط عن جراحات المخ والأعصاب.
حدثتهم عن بردية إدوين سميث، إيبرز وكاهون، وصفوا المخ بأنه نخاع الجمجمة، وأن عليه غشاء Dura، وتحته سائل C.S.F، وأن آثار إصابة المخ تظهر بعيداً عنه، وأن التربنة عالجوها وعاش المرضى بعدها «برستد 1930 - بول غليونجى 1973»، وكيف كانوا يضعون بودرة قشر بيض النعام فى شروخ عظام الجمجمة، كما عرفوا أن المخ هو مصدر التفكير، كما قسموا درجات الوعى إلى خمس درجات، تماماً كتقسيم جلاسجو الآن.
كان أجدادنا يعالجون الصداع النفسى «إيبرز»، بالكهرباء «سمكة الرعاد الصغيرة Eel Fish» على رأس المريض، أعتقد البعض أن هذا سحر، لنقل الصداع من رأس المريض لرأس السمكة، ولكنها كانت جلسات كهربائية نقوم بها حتى الآن.
عرفوا العلاج النفسى، كانوا يجعلون المريض ينام فى معبد فيلة وكانوا يسمونه Sleep Temple، ثم يحللون أحلامه «سيجموند فرويد»!.
كما كانوا يكرهون الموت ولا يذكرون اسمه، وكتاب الموتى تسمية خاطئة من المترجم الألمانى ليبسيوس، والصحيح هو: بر إم هيرو أى الخروج إلى النهار، كانوا يشرحون الجثة بعد الوفاة لمعرفة السبب. هؤلاء الذين يقولون إن حضارتنا حضارة موت، ليتهم يقرأون آلان جاردنر:
لم أر شعباً فى الدينا محباً للحياة، وعلى استعداد أن ينفق كل ما يملك من أجل الاستمتاع بالحياة مثل الشعب المصرى.
السلم الموسيقى منهم، كل الرقصات منهم، كل أنواع الرياضة منهم، كل الآلات الموسيقية ما عدا البيانو منهم، المعمار الشاهق منهم، القوانين الرياضية منهم، وبعد هذا كله نقول: حضارة موت؟! عيب!.
ذكرت أيضاً للمؤتمر كيف كان الروماتيزم يسمونه Stet ويرمزون له برجل عجوز فى الصورة التفسيرية، ونحن الآن نقول عن هذا المرض O.A ليس بمعنى Osteo - Arthritis ولكن بمعنى Old Age أى رجل عجوز!! أو سن كبيرة.
أخذت طائرة العاشرة والنصف مساء الأربعاء من الأقصر للقاهرة، لم يكن يوماً مرهقاً بل كان ممتعاً، ذلك لأن التعب نفسى وليس جسمانياً، إن مريض الشيزوفرانيا الشمعى Waxy Schizophrenia يظل رافعا يديه 24 ساعة دون تعب أو نظرية حمض اللبنيك فى التعب! العقل فوق المادة أيها الاصدقاء.

تعليقات